الحديث وعلومه في الجزائر من الرصد التاريخي إلى التفعيل الحضاري

إن الناظر في الحياة العلمية بالجزائر في المراحل التاريخية المختلفة إلى عصرنا هذا، يلحظ مدى عناية أبنائها بالعلوم في شتّى الميادين، ومن بينها العلوم الشرعية بجميع فروعها، حيث نبغوا في فنون كثيرة وشاركوا فيها، في مقدمتها الحديث وعلومه رواية ودراية. وقد برز منهم نُخبة من أعلام أفذاذ وباحثين نقاد ينتمون إلى مؤسسات و حواضر علمية لها امتدادات جغرافية في أنحاء الوطن.

وقد خدموا ميراث النبوة، فسبروا أغواره واستكشفوا مكنوناته، واستجلوا ،دلالاته، قصد تفعيلها لتعميق الوعي وتَمَثل ما فيها من قيم وتوجيهات انتجاعا لتحقيق النهوض الحضاري والارتقاء الاجتماعي.

فخلفوا نتاجا علميا متنوعا يتراوح بين المطبوع والمخطوط، خلّد اسم الجزائر، وفتح الباب أمام الباحثين المتخصصين، وإن تفاوت هؤلاء الأعلام في العطاء بين مقل ومكثر لأسباب كثيرة.

والمنعم النظر في هذا الميراث يلحظ تنوع التأليف في الاتجاهات والتصنيف في المناهج والقواعد التي بني عليها والضوابط المؤطرة له، وإن أخذ صورا عدة كالتصنيف في علوم الحديث وفنونه وحفظ المتون الحديثية، وتدريس هذه المتون ونشرها بين الناس، فضلا عن استخراج خبيء تلك الكتب بشرحها وبيان غريبها واستنباط ما فيها من الحكم والأحكام، لتقريب ما استغلق منها للأفهام وتكثيف الدلالة ترشيدا للوعي والسلوك.

ولايزال الاهتبال بهذا العلم وفنونه عند المعاصرين من العلماء والباحثين بالجامعات الجزائرية، والمراكز البحثية وغيرها. وهو ما يتبدّى في الدراسات الأكاديمية والكراسي العلمية المتخصصة، والمناهج التعليمة، سواء على مستوى قطاع التعليم العالي أم الأطوار التربوية والتعليمية الثلاثة التابعة لوزارة التربية والتعليم أم المناهج المعتمدة في الشؤون الدينية.

ونظرا للتطور المذهل في التقنية والذي فرض نفسه بقوة، فقد حاول بعض أهل الاختصاص والمهتمون بالسنة النبوية الاستفادة من تكنولوجيا الإعلام والاتصال في ترقية علوم الحديث وتقريبها للجامعة والمجتمع بآليات ووسائل تفاعلية متنوعة.

PDF

seminaire3oct2023-1